ذكاء الصياد
خرج الملك مع وزيره يتنزهان على شاطئ البحر ، فوجدا في طريهما صيادا مرقّع الثياب ، يرمي شباك الصيد في مياه البحر، ويغني فرحا مسرورا غير عابئ بشيء من هموم الدنيا .
قال الملك لوزيره : هذا صياد قوي وذكي جدا ، هيا بنا لنتعرف إليه عن قرب
، اقترب الملك ووزيره من الصياد وألقيا عليه التحية فرد عليهما .
قال الملك للصياد : كيف حالك ؟
قال الصياد : حالي كما تراني ، أرمي شباكي ، وأصيد أرزاقي ،
وأعود إلى عيالي ، مطمئنا بالي ، فأنا ملك مثلما أنت ملك .
قال الملك : لا ينبغي أن يكون في مملكتي ملك غيري
، فأنا ملك البلاد ولا ملك ينازعني ملكي .
قال الصياد : أنت ملك على عرش مملكتك ، وأنا ملك البحر والصيد على عرش شباكي .
أراد الملك أن يختبر الصياد فقال له : أريد أن أسألك فإن أجبتني عفوت عنك
وإن لم تجبني قطعت رأسك .
قال الصياد أنا رجل فقير وخلفي عيال ، اسأل يا ملك الزمان وزيرك
، فهو أجدر بالإجابة مني .
رفض الملك وأصرّ على سؤال الصياد وقال له :
أيها الصياد :
كم عدد نجوم السماء ؟
وما عمل ربك الآن ؟
قال الصياد للملك : لا أجيبك حتى تعطني الأمان يا ملك الزمان .
قال الملك : لك مني العهد والأمن والأمان .
قال الصياد للملك : يا ملك الزمان احلق شعرك ، وضعه على الطاولة هنا أمامي ،
ثم ابدأ بعدّه عدّا ، شعرة تلو شعرة ، حينئذٍ تعرف عدد نجوم السماء .
وأما عمل ربي الآن : فلا أجيبك حتى ينزل وزيرك عن حصانه الذي يعتليه
، ثم يخلع كل ملابسه ويلبس ملابسي .
أمر الملك أن يفعل وزيره ذلك ، ففعل الوزير ما أمر به الملك .
خلع الصياد ملابسه ، ولبس ملابس الوزير، ثم ركب على حصان الوزير وقال :
يا ملك الزمان إن عمل ربي الآن أن يغيّر ويبدّل في ثوان .
وفجأة مرّ طير من فوق رؤوسهم يقول كاك ... كاك ... كاك ...
فقال الملك لوزيره : ماذا يقول الطير ؟ قال : لا أعلم
قال الملك للصياد : ماذا يقول الطير ؟
قال الصياد :أمّا كاك الأولى فمعناها ، سبحان من لا يعرف سرّ المخلوق إلا هو .
وأمّا كاك الثانية فمعناها ، سبحان من لا يعلم العلوم إلا هو .
وأمّا كاك الثالثة فمعناها ، سبحان من لا يملك الأرزاق والأعمار إلا هو
قال الملك للصياد : مكانك على ظهر الجواد ولا تنزل ،
وأنت أيها الوزير مكانك على شاطئ البحر ولا تعلو منقول لعيونكم